النائب الأسير و القائد مروان البرغوثي

القـائد و الأسـير مــــروان البـرغـوثـي 3114e072f7


وُلد مروان البرغوثي في بلدة كوبر عام 1959 لأسرة بسيطة، عاش طفولة عادية
في وضع اقتصادي واجتماعي صعب، كان والده فلاحا بسيطا و وضعه المالي شبه
معدوم، و هو ما انعكس على تحصيله العلمي الذي كان بالغالب متوسطا.
أكمل تحصيله الإعدادي و الثانوي في مدرسة الأمير حسن الثانوية في قرية بير
زيت، و كان يضطر للمشي من بلدته كوبر إلى بير زيت على الأقدام. لم يتمكن
البرغوثي من إكمال تحصيله الثانوي كغيره من الطلبة فقد اعتُقل و هو في
الصف الأول الثانوي في العام 1978، و اضطر لإكمال دراسته داخل المعتقل؛
حيث أنهى شهادة الثانوية العامة 'التوجيهي'، و بعد خروجه من المعتقل التحق
بجامعة بيرزيت في العام 1983 ليدرس العلوم السياسية.
ثم بعد عودته إلى فلسطين التحق بقسم الدراسات الدولية في جامعة بير زيت ليحصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية.
و كان موضوع دراسته عن العلاقات الفلسطينية الفرنسية ليصبح بعدها رئيسا لجمعية الصداقة الفرنسية الفلسطينية.
تزوج البرغوثي من إحدى قريباته و هي محامية 'من كوبر'، و له منها 6 من الأولاد و البنات.
منذ اندلاع الانتفاضة في أواخر سبتمبر 2000 و صورة و
صوت و كلمات هذا الفلسطيني الأسمر لا تفارق وسائل الإعلام المختلفة،
متحدثا عن أهداف الانتفاضة و مطالب الفلسطينيين بالاستقلال.
و لا ينفك مروان
البرغوثي أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، و المتحدث باسم الانتفاضة
الفلسطينية من ترديد أن الانتفاضة 'لن تتوقف إلا بخروج جميع المستوطنين و
زوال الاحتلال'؛ هذا بجانب أنه كان أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية
التي ظلت على اتصال دائم مع نشطاء السلام الإسرائيليين حتى اندلاع
الانتفاضة الأخيرة.
و
لأن إسرائيل ترى أن البرغوثي 'مدبر' الانتفاضة، و أنه يقف خلف الهجمات
المسلحة التي ينفذها أعضاء في حركة فتح و تستهدف جنودا و مستوطنين
إسرائيليين في الأراضي المحتلة؛ قامت قوات الاحتلال بإلقاء القبض عليه بعد
ظهر الإثنين 15-4 –2002.

الدخول إلى عالم النضال

بدأ البرغوثي يقتحم عالم النضال منذ نعومة
أظفاره، فلم يكد عمره يقارب الرابعة عشرة حتى كان مطلوبا لقوات الاحتلال
الإسرائيلي حيث كان يُستدعى باستمرار و بشكل دوري أسبوعي للتحقيق معه من
قبل المخابرات الإسرائيلية.
بدأ نشاط البرغوثي في قيادة النشاطات الطلابية و المسيرات و الاعتصامات
يظهر بشكل بارز داخل المدرسة، و كان له صفة متميزة بالقيادة -كما يقول
المقربون منه- و لهذا تم التركيز عليه خصوصا أن الانتماءات السياسية آنذاك
كانت محدودة.
كان صعب المراس، و لم يتراجع عن الخط النضالي كما يقول
نائل موسى زميل البرغوثي الذي عايشه منذ نعومة أظفاره، فإن المخابرات
الإسرائيلية كانت تحقق مع البرغوثي لأتفه الأسباب، و يروي كيف أن مروان
تمكن من استفزاز المحققين عندما سألوه ذات مره مع من تعمل قال لهم: 'مع
حالي'؛ فباشروا في تعذيبه.
و أول اعتقال رسمي للبرغوثي كان في الخامسة عشرة من
عمره حين وُجهت له تهمة عسكرية، و تضمنت التهمة المشاركة في صناعة
المتفجرات و أنابيب و مواسير تحوي مواد ناسفة، و حكم عليه آنذاك بالسجن
لمدة 4 سنوات.
و
بعد خروجه من المعتقل و التحاقه بجامعة بير زيت أصبح البرغوثي مسؤول حركة
الشبيبة الطلابية، ومن ثم انتخب رئيسا لمجلس الطلبة في العامين 1984
–1985.
و تعرض البرغوثي أثناء دراسته الجامعية إلى الملاحقة، و في إحدى المرات
اعتُقل على أحد الحواجز الإسرائيلية أثناء حمله لبيانات سياسية، و لكنه
تمكن من الهرب.
و في العام 1987 مع اندلاع انتفاضة الأقصى الأولى أصبحت جامعة بير زيت
مسرحا للمظاهرات، و وقف البرغوثي في قيادتها، و بعد اعتقاله في ذات العام
نُفي إلى الأردن، و من ثم إلى تونس.
و
خلال وجوده في الأردن استمر في نشاطه السياسي و الوطني، و عمل على رعاية
مبعدي و جرحى الانتفاضة، و انتقل بعدها إلى تونس و عمل في إطار قيادة 'م ت
ف' (منظمة تحرير فلسطين) هناك، و كان من المقربين للرئيس الفلسطيني ياسر
عرفات.

من النضال الوطني إلى السلام

القـائد و الأسـير مــــروان البـرغـوثـي D4578b96ba

كانت النقلة البارزة في حياة البرغوثي بعد مؤتمر مدريد عام 1991، و التوقيع على اتفاقيات أوسلو عام 1993.
فبعد عام من التوقيع على اتفاق أوسلو عاد البرغوثي إلى بلدته كوبر، و بدأ
نشاطه السياسي حتى أصبح من أشد المروجين لأوسلو و في مقدمة مطبعي
–اتفاقيات السلام- فبدأ بالتقرب من اليسار الإسرائيلي و مجموعات السلام
المختلفة بالدولة العبرية.
و يرى المقربون منه أن إيمان البرغوثي بإمكانية أن يؤدي اتفاق أوسلو إلى
إنهاء الاحتلال و إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967 هو السبب الذي دفعه
إلى الانتقال للنضال السياسي و تأييد السلام؛ حيث وجد فيها الفرصة لتحقيق
الشعار الذي طرحته حركة فتح بالكفاح المسلح حتى إقامة دولة على أراضي
1967.
و في
العام 1996 خاض مروان البرغوثي انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، و فاز
عن دائرة رام الله بعد صراع مرير مع د. مصطفى البرغوثي.
و لكن البرغوثي تمكن من تثبيت نفسه كعضو لأول برلمان فلسطيني منتخب، و لكن
نتيجة لعدم اضطلاعه بأي دور تنفيذي في وزارات أو مؤسسات السلطة، و هو ما
دفعه إلى توجيه الاهتمام لإعادة بناء حركة فتح و ترميم هيكليتها، خاصة بعد
الهزائم المتكررة التي مُنيت بها الحركة في الانتخابات القطاعية المختلفة
على مستوى الجامعات و المعاهد و النقابات في الضفة الغربية و قطاع غزة.
و بدأ العمل على بناء ما يُسمى –التنظيم- و فتح له مكاتب و أفرع عديدة، و
تشير الأرقام إلى أنه تمكن من إضافة 4500 عضو جديد لحركة فتح بشكل رسمي
خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
و في العامين 1998-1999 أثار البرغوثي ملفات الفساد و البيروقراطية في
مؤسسات السلطة، و وجه انتقادات لاذعة لرموز بارزة في القيادة الفلسطينية
أدت أحيانا إلى وقوع صدامات و مواجهات مسلحة بين أعضاء التنظيم المدربين و
أجهزة السلطة الأمنية.
كما كان له خلافات داخلية في إطار حركة فتح هددت جسم الحركة بالكامل لأكثر
من مرة، و كان من أشد المعارضين له حسام خضر في نابلس و حسين الشيخ الذي
نجح في تجريد البرغوثي من منصب أمين سر حركة فتح بعد خلافات واسعة داخل
الحركة إبان الانتخابات دفعت البرغوثي إلى عدم ترشيح نفسه، لكنه بقي
متمسكا بمنصب أمين السر فيما بقي المنصب فخريا لحسين الشيخ.
و كان الأعجب أن يعين رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات 'حكم بلعاوي' في
ذات المنصب، و هو ما يعني أن ثلاث شخصيات كانت تتقاسم ذات المنصب.

العودة إلى النضال

و حياة البرغوثي التي شهدت العديد من النقلات عادت من جديد لتمر في تغيرها الأخير:
كانت البداية إبان حكم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك الذي
رفض في العام 1999 تسليم 3 قرى فلسطينية محيطة بالقدس لسيادة السلطة
الفلسطينية، حينها لمس البرغوثي أن أوسلو قد لا تقود إلى الدولة المرجوة،
وتبعتها انتفاضة الأقصى في أيار -سبتمبر- 2000 التي قرر البرغوثي أن يشارك تنظيمه فيها بشكل بارز.
وعند بدء الانتفاضة كان البرغوثي أحد أصحاب تيار واسع في الشارع الفلسطيني
في تقييم الانتفاضة، فإلى جانب التيار الذي رأى بأن الانتفاضة هي مجرد
ورقة يجب إيقافها في الوقت المناسب؛ لأنها ستؤدي إلى مأزق فلسطيني-
فلسطيني، كان
البرغوثي من أصحاب تيار يرى بالانتفاضة بديلا لخيار التسوية، و انعكس ذلك
في آليات مشاركة حركته في الانتفاضة التي انتقلت من أسلوب النضال الشعبي
إلى النضال العسكري.
و بدأ التحول النوعي في شكل العمليات التي تبنتها فتح و جناحها العسكري كتائب شهداء الأقصى، مع
أن البعض كان يرى أن انتقال فتح إلى أسلوب العمليات الاستشهادية كان بسبب
خوف البرغوثي من استئثار حركتيْ المقاومة الإسلامية 'حماس و الجهاد
الإسلامي' بهذا الشرف.
و أيد البرغوثي بعكس آخرين داخل فتح و السلطة بتوسيع نطاق العمليات داخل
الخط الأخضر.. لكن اسمه بدأ يدرج في قائمة المطلوبين لأول مرة قبل 7 شهور
و بالذات بعد عملية وقعت في 'بير نبالا' قرب القدس، و قتل فيها آنذاك قس
مسيحي، و بعد إلقاء القبض على الخلية اعترف أفرادها بأن البرغوثي كان من
سلمهم السلاح و أرسلهم لتنفيذ العملية.
و منذ ذلك الوقت بدأ
اسمه يُدرج بشكل متصاعد من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية، و تطور الوضع إلى
حد استهداف حياته حيث تعرض إلى محاولتين للاغتيال، كانت أولاهما بمحاولة
أحد العملاء الذي استأجر منزلا قبالة مكتبه أن يستهدفه برشاش 'إم 16'، و
الثانية حينما أُصيب كبير مرافقيه مهند أبو حلاوة.
و بعد الاجتياح الأخير لرام الله كان البرغوثي في
صدارة قائمة المطلوبين لأجهزة الأمن الإسرائيلية، و بعد نجاحه بالاختفاء
لمدة 3 أسابيع تمكن الجيش الإسرائيلي من إلقاء القبض عليه في ظروف ما زالت
مجهولة.
و ليبق مصيره أيضا مجهولا، خصوصا أن شارون من ناحيته يهدد بمحاكمته بتهمة
قتل مئات الإسرائيليين فيما تهدد فصائل المقاومة و في مقدمتها 'كتائب
شهداء الأقصى،بفتح أبواب جهنم في حال استهدافه، و يبقى مصير البرغوثي
معلقا لما ستشهده المنطقة من تطورات.